لا حياة من دون القائد.. هكذا أسست زيلان فلسفة الحياة الحرة – هيفيدار خالد

لا حياة من دون القائد...! إذا كانت هناك حياة فلا بد أن تكون مع القائد، وإلا فالحياة دونه مسلوبة مجردة من كل معانيها ولا معنى لها، على وجه الخصوص لكل مؤمن بقضايا الحرية، وبالنسبة لكل كردي يناضل من أجل العدالة والمساواة، وكل امرأة كردية تناضل من أجل الحرية.
نعم لا حياة من دون القائد، شعار أطلقه مناضلو حركة حرية كردستان في وجه سياسات قوى الهيمنة العالمية التي تُمارس بحقهم، وضد ألاعيب زعماء العالم وحكامه، الذين خططوا لمؤامرة دولية قذرة ضد القائد أوجلان قبل أكثر من عشرين سنة من الآن، وتحول هذا الشعار فيما بعد إلى فلسفة للحياة الحرة في كردستان، وأصبح النهج الذي يسير عليه جميع الباحثين عن الحق والحقيقة، والتي ضحى المئات بحياتهم من أجلها عبر التاريخ.
فسياسات النظام العالمي المتمثلة بالقمع والإبادة والظلم تجاه الشعب الكردي وقضيته وقادته مستمرة دون توقف، الشعب الكردي يتعرض لشتى الانتهاكات وسياسات العزل ومخططات القضاء على نضاله الحر، من خلال التنكيل به وتهجيره من أرضه وتطبيق سياسات التتريك والتغيير الديمغرافي بحق أبنائه في مناطقهم كافة، وسط استمرار سياسات العزلة المشددة غير القانونية وغير المقبولة إنسانياً وأخلاقياً على القائد أوجلان، بالطبع كل هذه الانتهاكات، سياسة واستراتيجية ممنهجة من قبل نظام الهيمنة العالمية، مورست وما تزال ضد الشعب الكردي، باعتقال السياسيين والناشطين الكرد من قبل النظام التركي، واستهدافهم في كافة أماكن تواجدهم، حيث أصبح استهداف الكردي هدفاً رئيساً لأعداء الكرد وخاصة النظام التركي.
والسبب وراء ذلك هو أن الشعب الكردي يمتلك إرادة حرة وقوية، لذا يحاول أعداؤه ضرب هذه الإرادة والقضاء على تنظيمه الأيديولوجي ومشروعه الديمقراطي، الساعي لحلحلة كافة القضايا العالقة في المنطقة، كأمل وحيد للإنسانية على طريق خلاصها من كل ما تتعرض له من مجازر على يد الحكام المتربصين بهذه الإرادة الحرة.
وردّاً على هذه المؤامرات القذرة؛ قدم المئات من المناضلين والمناضلات الأبطال في حركة كردستان تضحيات كبيرة للوقوف في وجه هذه السياسات والهجمات التي تستهدف الوجود الكردي والقائد أوجلان في كافة ساحات النضال في كردستان وخارجها، وفي شتى الظروف الصعبة التي مرت بها الحركة، متخذين من شعار "لا حياة من دون القائد" هدفاً لهم في هذه الحياة، رافضين الرضوخ لمطالب الأعداء الرخيصة، ولتنعم الإنسانية كافة بالأمن والسلام.
الرفيقة زينب كناجي المعروفة باسم زيلان، هي واحدة من المناضلات القياديات اللواتي قررن خوض معركة الحياة الحرة في وجه سياسات الإمبريالية العالمية التي استهدفت في شخص القائد آبو، الشعب الكردي وجميع دعاة الإنسانية المتعطشين للحرية، فنفذت الرفيقة زيلان في 30 حزيران من عام 1996 عملية فدائية بمدينة ديرسم في شمال كردستان، موجهة ضربة قاضية للعدو ولبنية الذهنية الفاشية، التي كانت تحاول إقصاء الكرد والقضاء على نضالهم التاريخي والتحرري، واستهداف معمار الحرية والحياة في كردستان القائد أوجلان، وعبّرت زيلان عن ارتباط إرادتها بحرية القائد آبو وولائها لنضاله التحرري، من خلال هذه العملية عندما فجرت نفسها في وجه الأعداء، كردّ قاطع وصريح على ممارساتهم ومجازرهم، فكان الجواب أنه لا للاستسلام، ونعم للتصدي للعدو الفاشي في عقر داره، حتى لو كلف ذلك أروحنا التي لا شيء أغلى منها لدينا، إلا من بذلناها من أجل حريته.
بعمليتها الفدائية التي ذاع صيتها عالمياً، وشغلت حيزاً كبيراً من الرأي العام العالمي ووسائل الإعلام آنذاك، بثت الرفيقة زيلان الرعب والخوف في قلوب الأعداء، واستطاعت بفضل الإرادة والعزيمة والإصرار التي كانت تمتلكه في قلبها، والروح الثورية العالية التي كانت تتحلى بها، والتعمق الفكري والأيديولوجي الذي اكتسبته من قوة تحليلات القائد آبو وفلسفته في الحياة والحرية ومفهوم الحياة الحرة والفرد الحر ودوره البنّاء في المجتمع، فتح الطريق أمام مرحلة جديدة في النضال الكردستاني ضد الهيمنة الفاشية والأنظمة الرأسمالية المعادية للقضية الكردية.
زيلان المناضلة الكردية التي حطمت كافة النظريات المألوفة عن المرأة الكردية، واستطاعت من خلال نضالها الفكري والتنظيمي إرسال رسالة واضحة وقوية للعالم أجمع بأنه من أجل تحقيق حياة حرة لا بد من نضال جبار وقوة وعزيمة وإيمان، ومن أجل تحرير المرأة من العبودية التي تعيش فيها لا بد من خوض معركة كبيرة.
وتقول زيلان في إحدى العبارات الشهيرة التي تضمنتها رسالة تركتها لنا، "أريد أن أحقق رغبة شعبي في الحرية في مواجهة سياسة الإمبريالية التي تريد أن تحوّل المرأة إلى عبدة، أريد أن أفجر نفسي كقنبلة لكي أظهر غضبي وعنفواني بشكل كبير، ولكي أتحوّل إلى رمز لانبعاث المرأة الكردية"، إنها بهذه العبارات القصيرة تبعث لنا رسالة واحدة، ألا وهي ضرورة عدم قبول العبودية والظلم الذي يمارس ضد المرأة في كردستان والشرق الأوسط والعالم، وأن ثمن الحرية غالٍ ونفيس، وأنه يتطلب منا في بعض الأحيان التضحية بذواتنا من أجلها.
أثبتت زيلان قوة المرأة الكردية في تحديد هدفها والتخطيط له بشكل كامل، وكشفت عن قدرة تحوّل كل امرأة مناضلة بحدّ ذاتها إلى جيش ينفجر في وجه العدو، إذا ما عرفت كيف تنظم طاقاتها وتقرأ المستجدات المرحلية وتحدد الهدف الصحيح الذي يؤثر في التوازنات السياسية ويصدم العدو ويُربكه.
اليوم، نحن نمر بمرحلة حساسة وصعبة، حيث الهجمات التركية المتواصلة ضد شعبنا في كافة أجزاء كردستان الأربعة، يجب على الجميع التحلي بالروح التي تحلت بها زيلان في مسيرتها النضالية، والمواقف البطولية التي أبدتها في وجه الأعداء والذهنيات التي تحاول إقصاء الشعب الكردي واستهداف نضال وجهود المرأة الحرة، وبالتالي استعبادها والحد من دورها القيادي في المجتمع، وعلى الرغم من مرور 27 عاماً على تنفيذ عمليتها الفدائية، فإن روح زيلان وصدى العملية التي نفذتها ما تزال أصداؤها تتردد في أذهان الجميع، وأصبحت مانيفستو الحياة الحرة في كردستان، وأضافت إرثاً جديداً إلى إرثها النضالي المميز.
زيلان قالت بالحرف الواحد، إن الحياة الحرة ممكنة بحرية القائد أوجلان، ولا حياة من دونه أبداً، وذلك يتطلب النضال والتضحية بالذات في أصعب الظروف والمراحل، للوقوف في وجه كافة مخططات الإبادة السياسية بحق الشعب الكردي في المنطقة أجمع.